•  
  •  
 

Midad AL-Adab Refereed Quarterly Journal

Midad AL-Adab Refereed Quarterly Journal

Abstract

إثر تجربتها الفاشلة في الحبشة، نهاية القرن التاسع عشر، عمدت الحكومة الإيطالية، إلى التخلي عن الأسلوب الاستعماري العسكري المباشر، واللجوء قبلا ، إلى أسلوب التغلغل السلمي في طرابلس الغرب وبُرقة . واختارت مطلع القرن العشرين، بنك دي روما، لتنفيذ هذه السياسة . وبالفعل استطاع هذا البنك أن يمدَّ نفوذهُ في جميع مفاصل الحياة الاقتصادية والتجارية والثقافية والصحية، وأن يصبح القوة المالية الأولى في طرابلس الغرب وبُرقة، على الرغم من المعارضة الشديدة التي أبدتها السلطة العثمانية، التي سرعان ما أيقنت بفعالية وجدوى جميع النشاطات وأعمال البناء، والتأسيس للمشاريع الخدمية، التي عجزت هي عن تقديمها للسكان المحليين . فقد تمكن البنك، من الوصول إلى كافة شرائح المجتمع الطرابلسي والبرقاوي، وأن يجعلهم إلى جانبهِ، ويوافقوا على الوجود الإيطالي السلمي بينهم، بفضل التسهيلات الكبيرة التي قدمها للسكان، وعملت على تغيير نمط حياتهم، إذ شعروا بالفروق الكبيرة بين ما قدمتهُ السلطة العثمانية المُحتلة، وبين ما قدمهُ البنك لخدمتهم . فقد تدخل البنك في تأسيس المزارع الكبيرة، وتربية الماشية وإنتاج الأعلاف، وبناء المصانع على مختلف أشكالها، وقدم قروض ميسرة للسكان والمؤسسات، ووفر المياه الجوفية في كل مكان تقريبا ، وأسس معامل لإنتاج الدقيق يوميا ، وعمد إلى بناء المدارس الابتدائية والثانوية والمستشفيات والمراكز الصحية ومآوي الأيتام، وفتح المجال واسعا أمام حركة التجارة من استيراد وتصدير، وأسس شركات للنقل البحري الداخلي والخارجي والنقل البري الداخلي . كما وظّف جزءا من أموالهِ في التنقيب عن المعادن . وكلف علماء لتشكيل بعثات للتنقيب عن الآثار . وبذلك يكون بنك دي روما، قد نجح بشكل باهر في تنفيذ سياسة التغلغل السلمي، فقد استطاع أكثر من ستمائة وخمسون ألف مُعمر ومُهاجر إيطالي من إيجاد موطئ قدم لهم في طرابلس الغرب وبُرقة، قبل حدوث الغزو العسكري الإيطالي في 29 أيلول – سبتمبر 1911 م .

Share

COinS